الاثنين، 13 يوليو 2015

الصديق العزيز دينق قوج                                      
تحياتي لكم أجمعين وتهنئة خالصة بعيد الاستقلال المجيد وتمنياتي القلبية لشعب جنوب السودان بالأمن والاستقرار والازدهار. أتابع بسعادة بالغة هذه التحليلات النيرة في هذا البوست. ما أود طرحه، وأرجو مخلصاً أن يكون نافعاً، ليس من تهويمات الشعراء ولكنه استقراء لواقع  وأنساق تسارع وتائر التنمية Patterns and Velocity of Development في بلدان العالم في عصرنا الحديث، وأين يمكن أن يكون موقع شعب جنوب السودان من هذا النسق، بما يملك من إمكانات هائلة. إن كل ماتم من تنمية خلال القرون الثلاثة الأخيرة قد بُني أولاً وبدون استثناء على التماسك الداخلي والإرادة الوطنية للشعوب ثم الاستغلال الأقصى والحكيم للموارد المتاحة. لقد ولدت أمريكا الحديثة بدخول الأوروبيين استعماراً لما أسموه بالعالم الجديد، وفعلوا ما فعلوا بالمواطنين الأصليين من الهنود وبالبافلو عماد حياتهم واستورد البيضُ السودَ في أكبر جريمتين إنسانيتين للتهجير القسري والاسترقاق في تاريخ البشرية. ولكن بعد ما يقارب الثلاثمائة عام هاهي أمريكا تتفوق على شعوب ودول العالم في كل شيئ تقريباً. والمثال الثاني يتمثل في تجربة ألمانيا واليابان. كانتا قبل سبعين عاماً أرضاً خراباً بفعل دمار الحرب العالمية الثانية. وهاهما قد اختصرا التسارع من ما يقارب الثلاثمائة عام إلى سبعين فقط لتبلغا مصاف امريكا وتبزانها في كثير من المناحي، خاصة فيما يتعلق برفاه المواطن وكريم حياته. وفي العالم المسمى بالثالث هناك أيضاً أمثلة مضيئة تختصر هذة السبعين عاماً إلى خمسين عاماً إلى أربعين فأقل مثل ماليزيا التي تكونت متحدة فعلياً في 1963م والإمارات التي استقلت عام 1971م، ومجموعة النمور الآسيوية ورواندا كذلك كما ورد هنا. فكادت الأربعين عاماً أن تتساوى مع الثلاثمائة.لقد تم هذا التسارع في وتائر التنمية بتمام توافق وتوحد الإرادة الوطنية التي نظرت إلى رفاه الشعوب قبل رفاه النُخب الحاكمة. وبترتيب أولويات الوطن قبل أولويات الأفراد والأحزاب. هذا ما وقع في مغباته ومطباته نُخب الاستقلال في السودان الكبير وهم كانوا مثقفي تلك الأيام. تقاعست أولوياتهم إلى طموحات الذوات وصراعات الأحزاب فأضاعوا على البلد فرص التنمية الواحدة تلو الأخرى وأضاعوا البلد برمته حتى الآن على الأقل. الآن يمكن للمثقفين في جمهورية جنوب السودان أن يستفيدوا من كل هذه الدروس. يجب أن تتوحد الإرادة الوطنية وانا متأكد أنه في أقل من 30 عاما يمكن لجمهورية جنوب السودان بمواردها الجمة أن تصل لهذه المصاف، لأن سُـنّة تسارع التنمية أن تأخذ بآخر وأحدث ما توصل إليه العالم وليس بالضرورة أن تبدأ من حيث بدأ العالم بل تبدأ من حيث انتهى. بتوافق الإرادة الوطنية ووحدتها تستطيع السفينة أن تمضي إلى بر الأمان وسط أمواج العلاقات الداخلية والاقليمية  والعالمية المتلاطمة وبوضوح الأجندة الوطنية وترتيبها حسب الأولويات يمكن أن تسير بين أحراش الأطماع الدولية والإقليمية. لابد للأولويات أن تكون أولويات الشعب فقط لا غير.

حقوق النشر © القدال